شهدت عدة مناطق في المملكة المغربية خلال الـ 24 ساعة الماضية تساقطات مطرية هامة، مما أنعش آمال الفلاحين في موسم فلاحي جيد وساهم في تحسين المخزون المائي للسدود والفرشات الباطنية. وتأتي هذه الأمطار في وقت تعاني فيه البلاد من تداعيات التغيرات المناخية التي أثرت على معدلات التساقطات خلال السنوات الأخيرة.
بحسب المعطيات الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، فقد سجلت مدينة شفشاون أعلى نسبة من التساقطات المطرية، حيث بلغ منسوبها 75 ملم، تليها الرباط بـ 38 ملم، ثم مدن طنجة-الميناء، سلا، والعرائش التي سجلت 32 ملم لكل منها. كما شهدت تطوان والقنيطرة أمطارًا بلغت 27 ملم، فيما تراوحت التساقطات في طنجة والدار البيضاء بين 24 ملم و17 ملم. أما المناطق الداخلية والجبلية، فقد عرفت معدلات متفاوتة من التساقطات، حيث سجلت إفران 23 ملم، تازة 18 ملم، بنسليمان 16 ملم، سطات 15 ملم، والحاجب 12 ملم. وعلى مستوى المدن الجنوبية، كانت نسبة التساقطات أقل، إذ سجلت طانطان، أكادير-المسيرة، كلميم، بني ملال وإنزكان 3 ملم فقط، بينما شهدت الحسيمة وآسفي 2 ملم، وبن جرير 1 ملم، في حين لم تتجاوز التساقطات في تاوريرت، سيدي إفني، الداخلة، تيزنيت ومراكش حاجز المليمتر الواحد.
تشكل هذه التساقطات بشرى خير للفلاحين المغاربة، خاصة بعد فترة من الجفاف النسبي الذي أثر على الغطاء النباتي والمياه الجوفية. فالمياه المتجمعة ستساعد على إنعاش الأراضي الزراعية، وتوفير ظروف مناسبة لنمو المزروعات الموسمية، كما ستساهم في رفع منسوب السدود وتعزيز المخزون المائي، مما سيساعد في تخفيف الضغط على الموارد المائية، لا سيما في ظل تراجع الفرشة المائية في بعض المناطق. كما أن هذه الأمطار سيكون لها تأثير إيجابي على النظم البيئية، حيث تساهم في دعم الغطاء النباتي، وتحسين جودة المراعي، وتقوية الإنتاج الزراعي، مما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني، إذ تعتبر الفلاحة ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.
وفقًا للمختصين في الأرصاد الجوية، من المتوقع أن تستمر الأجواء غير المستقرة خلال الأيام المقبلة، مع احتمال تسجيل مزيد من التساقطات المطرية، خصوصًا في المناطق الشمالية والوسطى. ومن شأن هذه الأمطار أن تعزز فرص انتعاش الموسم الفلاحي وتحسن الوضع البيئي بشكل عام. ومع هذه النعمة الطبيعية، يبقى حسن تدبير الموارد المائية ضرورة ملحة لضمان الأمن المائي والغذائي للمملكة. فمع ازدياد تقلبات المناخ، يجب على الجهات المعنية العمل على سياسات ناجعة لترشيد استهلاك المياه، وتعزيز مشاريع تحلية المياه وإعادة التدوير، إضافة إلى دعم الفلاحين لتطوير أنظمة الري الحديثة.
تبرز التساقطات المطرية الأخيرة أهمية الأمطار في استقرار النظم البيئية والاقتصادية للمغرب، حيث يترقب المواطنون استمرار هذه النعمة لتخفيف آثار الجفاف وتعزيز التنمية الفلاحية. ويبقى حسن استغلال هذه الموارد مسؤولية جماعية لضمان استدامتها للأجيال القادمة.