في مشهد يثير الكثير من علامات الاستفهام والاستياء، لم تُوجَّه أي دعوة حضور للمنابر الإعلامية المحلية والجهوية لتغطية فعاليات مهرجان وليلي الدولي، في دورته الرابعة والعشرون ، المقامة فوق تراب عمالة مكناس. في سابقة غير مبررة تُكرّس التهميش وتُعيد طرح سؤال الشفافية والانفتاح في تدبير الشأن الثقافي بالجهة.
فرغم أن هذا المهرجان يُعد من أبرز التظاهرات الثقافية الوطنية والدولية، وهو مناسبة لعرض غنى وتنوع التراث المغربي، لم تُوجه أي دعوة رسمية من طرف المندوبية الجهوية للثقافة بفاس، ولا من طرف المندوبية الإقليمية للثقافة بمكناس، للمنابر الصحفية الجادة التي دأبت على مواكبة مختلف المحطات الثقافية والفنية بالمنطقة. هذا الإقصاء، الذي بات يتكرر منذ سنة 2018، لم يعد يُفهم إلا على أنه سلوك ممنهج يضرب في العمق حق الإعلام في الوصول إلى المعلومة ومواكبة الأنشطة العمومية.
ولأن المهرجان يُقام على أرض مكناس، ويموَّل من المال العام، فإن غياب الصحافة المحلية عن تغطيته يُعد تجاهلًا مقصودًا لدورها الحيوي في تنوير الرأي العام، ونقل صورة المهرجان إلى جمهور الجهة الذي يظل أحق من غيره في معرفة ما يُنظم فوق ترابه، وداخل مجاله الثقافي.
والأدهى من ذلك، أن هذا السلوك يأتي في وقت تُشدد فيه الدولة على ضرورة إشراك الإعلام الوطني والمحلي في تعزيز الثقافة، وتكريس الحق في المعلومة، وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ينص عليه دستور المملكة.
لذلك، فإن أصواتًا عديدة من الجسم الإعلامي المكناسي والجهوي، توجه اليوم نداءً عاجلًا إلى السيد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، من أجل التدخل الفوري لإنصاف المنابر الإعلامية التي تم تغييبها، وفتح تحقيق شفاف حول طريقة تدبير الدعوات والاعتمادات داخل هذا المهرجان.
إن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، باعتبارها الوصية على القطاع، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة تصحيح المسار، وتوجيه تعليماتها للجهات المنظمة كي تنفتح على الإعلام المحلي باعتباره شريكًا أساسيًا، لا مجرد ضيف يُستدعى حسب المزاج أو المصالح.
فالثقافة لا تُبنى بالإقصاء، ولا بالإغلاق، بل بالحوار والانفتاح وتكافؤ الفرص. وإذا استمر هذا النهج، فإن مهرجان وليلي، مهما علا شأنه، سيفقد روحه الحقيقية: الانتماء للمكان، والانفتاح على الإنسان، وتكريس الحق في التفاعل الحر والمسؤول.
فهل يتحرك السيد الوزير لتصحيح الوضع؟
الرأي العام في الانتظار… والكرامة المهنية للصحفيين ليست للمساومة.