كتبت صحيفة (الاتحاد الاشتراكي) أن “الأمن المغربي أضحى واحدا بل أساسا من أساسات النجاحات الوطنية، السياسية، والاقتصادية، والصناعية والاجتماعية…”، مبرزة أن الأمر يتعلق ب”نجاحات مرتكزها الاستقرار والذي من مقوماته ومن أدواته سيادة القانون، وضمان سيادته بالفعالية الأمنية”.
وأكدت الصحيفة في مقال من توقيع طالع السعود الأطلسي، تنشره في عددها ليوم غد الخميس، تحت عنوان: “عن ‘البوليس السياسي’ الذي ‘يفترس الدولة’ !”، أن “أجهزة الأمن والاستخبار المغربية سبق أن أثبتت مهنيتها العالية في علاقاتها وعلاقات المغرب الخارجية، حين تدخلت بالخبرية الدقيقة والمفيدة لأجهزة أمن إسبانيا، فرنسا، بلجيكا، الولايات المتحدة وسيريلانكا…”، مبرزة أن الأمن المغربي “أضحى واحدا بل أساسا من أساسات النجاحات الوطنية، السياسية، والاقتصادية، والصناعية والاجتماعية… نجاحات مرتكزها الاستقرار والذي من مقوماته ومن أدواته سيادة القانون، وضمان سيادته بالفعالية الأمنية”.
وأشارت الصحيفة في هذا الصدد إلى أن المخابرات المغربية جنبت فرنسا، مرة أخرى، “عملية إرهابية محتملة”، كما أعلنت ذلك وسائل إعلامية فرنسية…، مضيفة أن أجهزة الأمن المغربية، “أثبتت فعاليتها تجاه زميلاتها… وتؤكد طليعيتها وجدارتها في المواجهة العالمية للإرهاب… وتعمق إضافاتها وإسهاماتها الديبلوماسية لتغذية المقام المغربي في العالم”.
ومضى الكاتب قائلا إنه “على هامش وحوالي هذا المسار السياسي للمغرب، تسمع، بشكل متقطع، ضوضاء… مجرد ضوضاء، تجلب الانتباه إليها لبرهة… وبعد أن يتبين لموجهي ومستغلي ضجيجها أنها مجرد ضوضاء، تخفت وتخمد…”، مشيرا إلى أن “أسماء كثيرة سوقت نفسها في الفضاءات الإعلامية، الغربية أساسا، وجدت كما لو أنها “المنقذة من الضلال”… اعتصرتها، قوى معادية أو مرتابة أو محتاطة من المغرب… فلم تغنم منها قطرة مفيدة لها، فرمتها إلى مستودع المتلاشيات…”.
ولاحظ أنه “من فرنسا، وخلال السنوات القليلة الماضية، سُمع ضد المغرب ضجيج، أصحابه، العسكري السابق، الرياضي السابق، التلفزي السابق… وغيرهم ممن كانت لهم سوابق في التمتع بحقوقهم، من عطاءات المغرب، من حرياته، من فرص الارتواء من منافعه… تضخمت لديهم أنانياتهم واتسعت طموحاتهم… تحولوا إلى معارضين “أشداء”، بفضل “المؤازرة” الاعلامية “الدولية” لهم… قبل أن يفضح بعضهم البعض، بالملاسنات بينهم التي كشفت تعامل بعضهم مع مخابرات أجنبية وأوضحت خيبات بعضهم من بعض والخذلان المتبادل بينهم… هم، في أغلبهم، مجرد طموحات أنانية، وجهت بوعيهم، أو حتى بدونه، ضد وطنهم… مثل فقاعات، انتفخت، وحلقت ولمعت لبرهة ومالبثت أن انفجرت… دون أن ينال رذاذها من المغرب”.
وأشار إلى أنه “هنا في المغرب، وجد من ذهب بعيدا في نفي الوقائع واختلاق دولة يخترقها “بوليس سياسي” ويمتص كل نفس ديمقراطي فيها ويقضم كل مقوم قانوني فيها.”
واستطرد الكاتب قائلا: “هب أننا في هذا المغرب، مواجهون بسلطة “بوليس سياسي”، سري، مرعب، لايرعوي أمام أية سلطة أخرى… عصابة منظمة ذات وظيفة إجرامية… حسب ما تخيله وأفادنا به السيد معطي منجب، بعيد إطلاق سراحه، مؤقتا، في انتظار تواصل محاكمته في قضية حق عام لها صلة بمداولته أموالا يتوصل بها…”.
وتابع الكاتب “…حمدا لله أن السيد معطي منجب الذي كشف هذا الوحش السري، في بيته مع أسرته، سالما و “غانما” ومتمتعا بالصحة والعافية التي مكنته – ولو بعد “إضراب عن الطعام”- من القدرة على الإدلاء بتلك التصريحات النارية، العارية من السياسة، كما لو أنه يشعر “بحماية” دولة أجنبية… حمدا لله أن ذلك “البوليس السياسي” موجود، فعال ومتحرك، فقط في خيال السيد منجب”.
وأشار إلى أن ” “البوليس” المغربي اكتسب في السنوات الأخيرة، مع اندماجه في موجهات المشروع الحداثي والإصلاحي الذي يقوده الملك محمد السادس… اكتسب حسا “تاريخيا” وبحدة، بحيث أضحى يدمج، في كل عملية أمنية، يقوم بها، “مؤرخا” لها، بالصورة وبالبلاغ عنها… كل عملية متعلقة بالإرهاب أو بالمخدرات أو بالاتجار بالبشر أو بالتدوير المشبوه للأموال… وفي كل تلك البلاغات لازمة قانونية… “تحت إشراف النيابة العامة المختصة”…
وأكد أن الأجهزة الأمنية تواجه “العصابات الارهابية التي تهدد أمن البلاد… (…)، بكل الاحتياطات القانونية المتعارف عليها ديمقراطيا… رغم خطورة تلك العصابات، وتنكرها، العقدي، لكل الحقوق الديمقراطية وحتى الانسانية…”، متسائلا في هذا السياق: “متى كان “البوليس السياسي”، السري والخارج عن القانون، كما عرف عنه في تجارب عالمية، وحتى في المغرب “سنوات الجمر والرصاص”، يهتم أو يبالي بالقوانين أو بالسلطة القضائية أو بالرأي العام ليوضحه حقيقة عملياته…؟”.
وأضاف أن “السيد منجب يخضع لمحاكمة… لن تدينه بالضرورة، بل قد تبرؤه، إذا أقنعها دفاعه… وهي محاكمة من صميم آليات ومتطلبات “دولة الحق والقانون”… الدولة التي تطالب بها الحركات الديمقراطية والحقوقية، والتي يمضي المغرب في اتجاه تكريسها دولة ديمقراطية، في هذا المسار الإصلاحي والتحديثي الذي يقوده الملك محمد السادس… ومعه الفعاليات الوطنية والديمقراطية، بحماس وبلا تسرع، بهدوء، وتدرج وتبصر… يحشد لها أوسع القوى لحملها ويرسخ الوعي بها باعتبارها منتوج نسج تاريخي لتحول نوعي في البلاد…”.
واعتبر أن “الشعارات سهلة القول والصدع، وحقنها بالحياة في الواقع يجعلها عسيرة الهضم… مثل حالة السيد منجب حين وصله مفعول “دوله الحق والقانون” إلى تفاصيل ممارساته من أجل توضيحها والاطمئنان على قانونيتها… تنكر لها وهو الذي لا يمل من المطالبة بها… تنكر لها إلى حد أنه بدا كما لو أنه يحن اليوم إلى دولة “البوليس السياسي”.
وحسب الكاتب فإن “دولة المغرب التي نعرف ونعيشها، أنهت مع كل تلك الممارسات والفضاءات السرية، دولة مغرب اليوم، تعي مشكلاتها ومعيقاتها قبل غيرها ـ وتقوم ذاتيا أخطاءها وتكشف وتعزل المفسد فيها والمخطئ…”، مشيرا إلى أن “الاجهزة الأمنية نفسها هي أول من “يفضح” عناصرها الذين يقعون في ممارسات خارج القانون… توقفهم في حالة مخالفات إدارية… وتولي أمرهم النيابة العامة في حالة تجاوزات قانونية…”.
ومن جهة أخرى، ذكر صاحب المقال بشهادة خارجية ضمن ذات السياق، تتمثل في كون “تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في المغرب استمد مضمونه، وبنسبة ثلاثة أرباع، من تقارير المديرية العامة للأمن الوطني، من رئاسة النيابة العامة ومن المندوبية العامة لإدارة السجون… تقاريرها التي فصلت في ما توصلت إليه تجاوزات وخروقات، وما توصلت به من شكايات… وكشفت معطيات حول المتابعات التي قامت بها وأسفرت عن عقوبات لزجر وردع المخالفات والتجاوزات للقوانين ولحقوق المواطنين…”.
وأبرز الكاتب في هذا الإطار أن “تلك المؤسسات الوطنية هي أول من تعمل النظر الحقوقي في ممارساتها… وهي أول من يسعى إلى تقويم ذاتها…”، معتبرا أن “تقرير الخارجية الامريكية شهادة ديبلوماسية، قوية، على الهاجس القانوني المتحكم في أجهزة إنفاذ القانون… وليس في التقرير ما يشير أو يلمح إلى وجود جهاز أمني سري متغول ضد الوطن وضد المواطنين وضد الدولة وضد الديمقراطية…”.
وتساءل الكاتب في الختام: “هل بقي ما يمكن التوسع فيه في هذا المجال… بقي الكثير… لأن المسار الديمقراطي ينتج ثقافته… تلك الداعمة لها والمحركة له… وتلك الأخرى التي تضيق به وترتاب منه…”، مؤكدا أن “الديمقراطية تنمو مع استعمالها ومع تداولها ومع التفكير فيها ومع تقويمها المستمر…”.
المصدر / و.م.ع