في تطور جديد لقضية وفاة ثماني نساء حوامل بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، كشفت مصادر نقابية مطلعة أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قررت توقيف 17 من الأطر الصحية احترازياً عن العمل، في انتظار استكمال المساطر القضائية والإدارية الجارية بشأن هذه القضية التي هزّت الرأي العام وأثارت موجة واسعة من الاحتجاجات.
وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن قرار التوقيف شمل أربعة من ممرضي التخدير والإنعاش، وتسع قابلات، إضافة إلى أخصائيين في التخدير والإنعاش، وطبيبين أخصائيين في أمراض النساء والتوليد، وذلك في سياق الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الوزارة عقب انتهاء التحقيقات الأولية التي باشرتها المفتشية العامة التابعة لها.
وكانت وزارة الصحة قد أكدت، في بلاغ رسمي، أن التحقيقات التي أجرتها مصالحها حول حالات الوفيات المسجلة بالمستشفى استكملت، وأن التقرير المتعلق بالقضية أحيل على النيابة العامة المختصة من أجل اتخاذ المتعين قانوناً. كما شددت على أن قرار التوقيف يندرج في إطار الحرص على ضمان شفافية المساطر وصون حقوق جميع الأطراف، إلى حين استجلاء الحقيقة الكاملة لما جرى.
وأكدت الوزارة في بلاغها أنها تتابع الملف عن كثب، وتعمل على استخلاص الدروس اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي، في إطار ورش الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية، مبرزة في الآن ذاته أنها ستعمل على إخبار الرأي العام بجميع المستجدات المتعلقة بهذه القضية في حينها.
من جهة أخرى، أثار القرار موجة من الجدل داخل الأوساط المهنية والنقابية، حيث اعتبر عدد من ممثلي الشغيلة الصحية أن طريقة تدبير الوزارة للأزمة “اتسمت بالتسرع والارتباك”، مؤكدين أن توقيف الأطر الصحية قبل انتهاء مساطر البحث “يُعدّ إجراءً قاسياً قد يضر بمعنويات مهنيي القطاع، ويمسّ بمبدأ قرينة البراءة”.
وأشار المتحدثون إلى أن معالجة الاختلالات البنيوية التي يعرفها قطاع الصحة “لا يمكن أن تُبنى على قرارات ظرفية أو ردود أفعال آنية”، داعين إلى تبني مقاربة شمولية تعالج الأسباب الحقيقية للأعطاب التي تعيشها المنظومة الصحية، خاصة ما يتعلق بضعف الموارد البشرية، واختلال شروط العمل داخل المستشفيات العمومية.
ورغم اختلاف المواقف حول القرار، فإن الجميع يتفق على أن الفاجعة الأخيرة كشفت حجم التحديات التي تواجه القطاع الصحي بالمغرب، وعلى رأسها الحاجة إلى مراجعة منظومة تدبير المستشفيات وتحسين شروط العمل وضمان سلامة المرضى وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.




