توصل موقع “أخبار مكناس24” ببلاغ صادر عن المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، عبّرت فيه الأخيرة عن رفضها القاطع لمشروعي القانونين الذين صادقت عليهما الحكومة في اجتماعها المنعقد يوم الخميس 3 يوليوز 2025، والمتعلقين على التوالي بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة وبالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين.
البلاغ، الذي صدر عقب اجتماع دوري للفيدرالية يوم الجمعة 4 يوليوز، اعتبر أن الحكومة سلكت مسارًا تراجعياً يمسّ بمبدأ التنظيم الذاتي ويقوض أحد أبرز ركائز الديمقراطية الإعلامية في البلاد. وأكدت الفيدرالية أن وزارة الاتصال والحكومة تجاهلتا المقاربة التشاركية، عبر تغييب الحوار مع هيئات مهنية عريقة، وعلى رأسها الفيدرالية نفسها، وهو ما اعتبرته سلوكاً غير مسبوق في تعامل الحكومات السابقة مع قضايا المهنة.
وفي انتقادها لمضامين المشروع المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، اعتبرت الفيدرالية أن التنصيص على “الانتداب” بالنسبة لفئة الناشرين بدل “الانتخاب”، يكرس التمييز ويفرغ المجلس من طبيعته كمؤسسة للتنظيم الذاتي، مشيرة إلى أن هذا التوجه يتعارض صراحة مع المادة 28 من الدستور المغربي التي تنص على الاستقلالية والديمقراطية في تشكيل الهيئات المنظمة للمهنة.
وذهبت الفيدرالية إلى أبعد من ذلك، معتبرة أن بعض المقتضيات الجديدة تفتح الباب على مصراعيه للاحتكار وتغول المقاولات ذات الرأسمال الكبير، عبر منح مقاولة واحدة إمكانية احتساب عشرين صوتاً في التمثيلية على أساس رقم معاملاتها، بدل قاعدة “صوت واحد لكل مقاولة”. وهو ما اعتبرته الفيدرالية فضيحة تشريعية تجهز على التعددية والعدالة داخل الحقل المهني.
كما أثار البلاغ عدة ملاحظات حول اختلالات في مضمون القانون، من بينها غياب توازن التمثيلية داخل الأصناف الصحفية، وهيمنة الناشرين على لجان حيوية داخل المجلس، إضافة إلى إدراج عقوبات جديدة كالحق في توقيف الصحف، والتوجه لجعل التحكيم في نزاعات الشغل إلزامياً، فضلاً عن إلغاء مبدأ التداول على رئاسة المجلس ورفع مدة الولاية من أربع إلى خمس سنوات.
واعتبرت الفيدرالية أن هذه الخطوات التشريعية تكشف عن توجه سلطوي يروم التحكم في قطاع الصحافة وتكريس منطق الهيمنة، بعيدا عن منطق الشفافية والمسؤولية، محملة الحكومة ووزارة الاتصال واللجنة المؤقتة المشرفة مسؤولية ما وصفته بـ”الانحدار المؤطر بتشريعين تراجعيين”، إلى جانب مسؤولية بعض الأطراف المهنية التي شاركت في هندسة هذا الوضع على خلفية اعتبارات مصلحية وأنانية، وفق تعبير البلاغ.
وفي ختام البلاغ، وجّهت الفيدرالية دعوة مفتوحة لكل الفاعلين في الجسم الإعلامي والحقوقي والسياسي إلى الاصطفاف دفاعاً عن حرية الصحافة واستقلالية تنظيمها الذاتي، مطالبةً أعضاء البرلمان بغرفتيه بتحمل مسؤولياتهم التاريخية، والتصدي لهذه المشاريع التي تهدد التراكمات الديمقراطية والمؤسساتية التي حققتها المملكة في مجال حرية التعبير.
وأكدت الفيدرالية على تمسكها بدورها التاريخي ومسؤوليتها المهنية، معبرة عن استعدادها لمواصلة التصدي لكل محاولات الإقصاء، والانخراط في معركة الدفاع عن صحافة حرة ومستقلة وتعددية، تكون في مستوى تطلعات المهنيين والمجتمع المغربي ككل.