أخبار مكناس 24 / متابعة محسن الاكرمين
تأتي فعاليات الدورة (13) من مهرجان مكناس للدراما التلفزية (من 03 إلى 07 ماي 2024) في ظل المتحولات الثقافية والتنظيمية داخل مدينة مكناس. مهرجان لازال يُكرس عمق جلباب الانطلاقة الأولى منذ (13سنة)، وقد يبيت حبيسة احتساب العدد التراكمي (د13) الكمي. مهرجان لا زال لم يقتف سياسة التغيير، والبحث عن النوعية والتنويع والتجديد، ولما لا إطلاق قمقم المهرجان من التحكم الأفقي والعمودي !!
حين نقوم بنقد مسارات مهرجان مكناس للدراما التلفزية، فإننا كما قال صديق عزيز على قلبي: نضع صاحبه (محمود بلحسن) فوق الرؤوس عاليا، عندما استطاع أن يصل بالمثابرة الاقتحامية للدورة (13). لكنا من طبعنا التنبيه اللبق إلى أن المهرجان بات لا يصنع حدث المدينة في الأداء والأثر، بات لا يلامس تسويق علامة مكناس، كمدينة تصنع التفرد والتميز في زمن التراخي والهرولة نحو الثقافة الرخوة.
قد لا نبخس التظاهرة الفنية للدراما التلفزية لمكناس، ولكنَّا نَبحث عن أفق ورؤى التجديد في ذات الدورة. نبحث عن برنامج للمهرجان عميق في التغيير، لا(كوبي كولي) من عام لآخر، ونقول: الحمد لله هنالك الاستمرارية !! فبعد انحصار المهرجان في الدراما الوطنية عموما، أصبح المهرجان يفقد ريش (الطاوس) الدولي والعربي. أصبح حبيسة إنتاجات وطنية لا نجادل في جدية بعضها. أصبح يبحث عن التنويع ويقتحم ازدواجية اللغات الوطنية الرسمية كبديل لسد الفراغات الدولية والعربية.
فإذا كان مهرجان مكناس للدراما في شكله الفني متفردا، فإنه بات اليوم وابتداء من (د13) يروم نحو مجالات أشد نقدا من عموم المغاربة (الكوميديا الرمضانية)، بات يبحث عن صناعة (التصفيقات والصور) في تلك الوجوه التي توصف من طرف الواقع الاجتماعية (الحامضة). هذا ليس برأينا وإنما هو غيض من فيض ممّا ورد في انتقاد حضور من اشتغلوا في الكوميديا الرمضانية إلى مكناس، ليتحدثوا عن هذه تجربتهم الكوميدية !! ويناقشون مضامينها (الهزلية !!). فأية مضمون نقصد من هذا النقاش، والذي أساسا يبحث عن المهادنة مع الملهاة الرخوة؟؟
فإذا كان المهرجان ملك أولا لمدينة مكناس، وثانيا للمغاربة، وثالثا بصفته دوليا، فإنه بحقيقة المشاركة والانفتاح، يجب أن يفتح باب نقاش مآلات المهرجان، إلى أين؟ لن نبحث في مواضيع كوميديا (الملهاة) التي قدمت في شهر الغفران، وعن بوابة التصالح مع المشاهدين في عمق مدينة مكناس، لن نبحث عن أية تسويغات، ونحتفي بتلك الوجوه التي أفاضت سيلا من الانتقادات ومدادا من الشكوى المؤسساتية.
حقيقة لا مناص من ذكرها، فالتنافس الشريف لمهرجان مكناس للدراما التلفزية، يجب أن يبدأ من قلب الدار، يجب على ربان المهرجان نفض التكريمات التمويهية، ونقل الصور المليحة عن المهرجان. فالعمل الجدي اليوم، يرتكن على بناء رؤية مؤسساتية نقدية غايتها التطوير لا صناعة تصفيق القاعة، وانهى مسم المهرجان !! يجب أن يكون المهرجان داعما للإبداع والفكر الخلاق بداية من المدينة. يجب أن يأخذ وهجه الأخاذ من التنويع والتجديد، يجب أن يكون صيرورة متجددة، يجب أن تكون نسخه غير متشابه وتتجاوز الاستنساخ.
من الصخب غير المنتظر الذي يحدثه، ومن سكونية مكناس المعتاد، لكنه حتى الدورة (13) لم يقدر على استغلال هذا صخب (البوليميك) لتطوير الأداء بالتنويع. قد لا نتحدث عن البذخ والترف لمن يحضر المهرجان !! ولكنا نثير خاصية سلبية من كفاف تسويق المهرجان من ينالون دعوات الصفوف الأمامية من مثقفين وسياسيين وفنانين، وهم (وهن) لا يقدرون على كتابة ولو فقرة أو نص أو سطر عن المهرجان الذي أَمَّن لهم (لهن) الأكل والشراب والمبيت والترفيه !! إنها قمة العبث واستغلال كرم القيمين عن المهرجان !!
نعم، حين نوجه الدعوة للكوميديا الرمضانية للنقاش، لما لا نوجه الدعوة للمؤثرين والمؤثرات لخدمة المهرجان من الداخل !! من غيرتي على مهرجان مكناس للدراما التلفزية، سأكتب عن المهرجان وأنا أعلم علم اليقين أن كتاباتي تقلق القليلين، وكذا تُسعد البعض من الكثيرين. سأكتب لأني لا أحضر المهرجان كمشاهد بقلبي وبالعين الوصفية، ولكني أحضره بقلمي ورأيي الذي يجانب مبدأ الحقيقة.