صادق المجلس الحكومي، الأسبوع الماضي، على مشروع القانون رقم 71.24 المتعلق بمدونة التجارة، في خطوة وُصفت بالمهمة لإعادة تنظيم مسطرة التعامل بالشيكات في المغرب والحد من الطابع الزجري الذي ميّز هذا المجال لعقود. ويهدف النص الجديد إلى تقليص عدد حالات الحبس المرتبطة بإصدار الشيكات بدون رصيد، مقابل تعزيز الحلول الودية والضمانات المدنية بين الأطراف.
ومن بين أبرز التعديلات التي جاء بها النص:
إلغاء تجريم الشيكات بدون مؤونة بين الأزواج
من بين أهم التعديلات التي حملها المشروع، إلغاء الطابع الجنائي لإصدار شيك بدون مؤونة بين الأزواج. فبدلاً من اللجوء إلى المتابعة الجنائية، يتيح القانون الجديد تقديم دعوى مدنية فقط للمطالبة بالأداء، في خطوة تعكس رغبة الحكومة في تقليص النزاعات الأسرية أمام المحاكم الجنائية وتخفيف الضغط القضائي.
التسوية المالية تُنهي المتابعة
ينص المشروع على أن أداء المبلغ موضوع الشيك يؤدي إلى سقوط المتابعة الجنائية نهائياً، سواء تم الأداء قبل صدور الحكم أو أثناء التنفيذ. كما يُفرج فورًا عن المعتقلين في حال التسوية، وتُلغى مذكرات البحث ضد المطلوبين، ما يشجع على الحلول السلمية والسريعة بدل العقوبات السجنية.
مهلة لتسوية الوضعية ومراقبة إلكترونية
لم يعد يحق للسلطات الأمنية تنفيذ الاعتقال فور تقديم الشكاية، إذ يمنح القانون مهلة شهر لتسوية الشيك قبل تفعيل العقوبة، مع إمكانية تمديدها لشهر إضافي بناءً على طلب المشتكي. كما يمكن إخضاع المعني بالأمر لـالمراقبة الإلكترونية عبر سوار ذكي لتفادي الهروب وضمان الجدية في التسوية.
إلغاء الحبس في القضايا التي تتراوح قيمة الشيكات فيها بين 10 آلاف و20 ألف درهم،
يُعفي النص الجديد أصحاب الشيكات التي تتراوح قيمتها بين 10 آلاف و20 ألف درهم من عقوبة السجن، ويدفع نحو تسوية المنازعات المالية بطريقة مدنية. وذلك في إطار توجه نحو تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية وتشجيع الأداء الطوعي.
خلفيات ودوافع الإصلاح
أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة أن هذه التعديلات جاءت بعد تحليل معطيات مقلقة، إذ سُجل أكثر من 972 ألف حالة رفض أداء شيك بين سنتي 2022 ويونيو 2025، منها 180 ألف شكاية تمت معالجتها، بينما تمت متابعة نحو 77 ألف شخص، من بينهم 58 ألفًا في حالة اعتقال.
هذه الأرقام دفعت الحكومة إلى مراجعة السياسة الجنائية المرتبطة بالشيكات، بهدف استعادة الثقة في هذه الأداة المالية دون الإضرار بالاستقرار الاجتماعي أو الاقتصادي.
ومن المرتقب أن يدخل مشروع القانون حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية، ليشكل بذلك منعطفًا جديدًا في تدبير قضايا الشيكات بالمغرب، قائمًا على التوازن بين الردع القانوني والعدالة التصالحية.