أخبار مكناس 24 -
بواسطة أخبار مكناس 24 : متابعة / - و إعداد: ل . لكدروري. سيفاو | 09:06:41, 5/01/21 | لأخبارمكناس24
طباعة المقال
ولقد كتب العرب اسمه: "إراطثنيس و إراطوس" ووصفه ابن جلجل قائلاً: "إراطوس المنجّم الذي لم يكن أعلم منه.
إنه إيراتوستينس (Eratosthenes) الرجل الذي قاس محيط الأرض بقضيبين وقدمين وكان ذلك في القرن الثالث قبل الميلاد. كان إيراتوستين (Eratosthenes)فلكيا ومؤرخا وجغرافيا وفيلسوفا وشاعرا ومسرحيا ... وعالم رياضيا ت. كما ألف في علوم مختلفة، وأصبح أيضا مديرا لمكتبة الإسكندرية الكبرى والشهيرة ... وعرف عنه أيضا أنه كثير القراءة ... ومن ذلك أنه قرأ يوما في كتاب من أوراق البردي أن القضبان العمودية لا تلقي ظلالا في نقطة معينة وفي مكان بجنوب أسوان على مقربة من أول شلال لنهر النيل في وقت الظهيرة، وذلك يوم 21 يونيو من كل سنة يوم انقلاب الشمس الصيفي الذي هو أطول يوم في العام.
فحين يقترب الوقت من منتصف النهار، فإن ظلال أعمدة المعبد تقصر شيئا فشيئا حتى تختفي نهائيا ويمكن عندئذ أن يرى انعكاس قرص الشمس في الماء الموجود أسفل أي بئر عميقة ويصبح قرص الشمس فوق الرأس تماما..
كان يمكن لأي شخص آخر أن يتجاهل هذه الملاحظة ... ولكن إيراتوستينس الذي كان عالما سيقوم بتجربة، إذ سيلاحظ عمليا ما إذا كانت القضبان لا ترخي ظلالا أيضا في الإسكندرية في الوقت والتاريخ نفسيهما (الساعة 12 من يوم 21 يونيو) فوجد أنها تلقي ظلالا خلافا لما هي عليه الحالة في تلك المنطقة من أسوان .... و تساءل كيف يمكن لقضيب أن يلقي ظلا في الإسكندرية ولا يمكن أن يفعل ذلك في اللحظة ذاتها في أسوان .؟.. علما أن الإسكندرية تقع إلى الشمال من أسوان ... وتخيل خريطة مصر (القديمة) مع قضيبين عموديين بطول واحد ...أحدهما مغروز في الإسكندرية والآخر في أسوان وافترض أن كليهما في لحظة معينة لا يلقي ظلالا... سيكون الأمر مفهوما إذا كانت الأرض مسطحة حيث ستكون الشمس عندئذ فوق الرأس تماما.. وإذا كان طولا ظلي القضيبين متساويين فالأمر أيضا يكون مفهوما لو كانت الأرض مسطحة حيث ستنحرف أشعة الشمس بالزاوية نفسها عن القضيبين...ولكن كيف يمكن أن يوجد في الوقت ذاته ظل في الإسكندرية ولا يوجد في أسوان ؟
إن الجواب الوحيد الممكن حسب ما تفتق عنه ذهن إيراتوستينس هو أن يكون سطح الأرض محدبا وانه كلما زاد التحدب أو الانحناء ازداد الفرق بين الظلين ... والشمس بعيدة جدا لدرجة أن أشعتها تصبح متوازية عندما تصل الأرض والقضبان الموضوعة بزوايا مختلفة بالقياس إلى أشعة الشمس التي تلقي بظلال بأطوال مختلفة.
وبالنسبة للفرق الملحوظ بين ظلي القضيبين، فإن المسافة بين الإسكندرية وأسوان يجب أن تكون زهاء سبع درجات على امتداد سطح الأرض، وهذا يعني أنك إذا تخيلت القضيبين ممتدين نحو الأسفل حتى مركز الأرض فإنهما سيتقاطعان، مشكلين زاوية تساوي سبع درجات، وسبع درجات تساوي نحو جزء من خمسين من محيط الكرة الأرضية الذي يساوي 360 درجة ...وعرف إيراتوستينس أن المسافة بين الإسكندرية وأسوان هي 800 كم تقريبا، إذ استأجر رجلا ليقيسها مشيا وبالخطوات.
وإذا ضربنا رقم 800 في 50 نحصل على رقم 40.000 كيلومتر وهو محيط الكرة الأرضية.
لم تكن أدوات إيراتوستينس سوى قضيبين وعينين وقدمي رجل ودماغ عالم رياضيات ... ليصل إلى أن يحسب محيط الأرض مع هامش خطأ لا يزيد عن نسبة مئوية قليلة ... وكان أول شخص يقيس محيط الأرض بدقة وذلك منذ القرن الثالث قبل الميلاد، ومن الإسكندرية التي كانت أكبر مرفأ في العالم في ذلك الزمان ...
ألم تكن معرفة أن الكرة الأرضية كروية وأن محيطها متواضع المسافة أمر بالغ الأهمية...ألم تكن هذه المعلومات تغري المغامرين والمستكشفين وتدفع بهم إلى القيام برحلات برا وبحرا للتعرف على أراض جديدة ظلت مجهولة إلى ذلك الحين؟
نعم، وهذا ما قام به الكثيرون رغم محدودية إمكانياتهم وبساطتها ...مستعملين بل مستعينين كذلك بالنجوم ...والنجوم، كما هو معلوم، أصدقاء أوفياء للمستكشفين عبر البحار أو سيرا على الأرض.
إن العلوم وجهود العلماء النوابغ لا تغير العالم فقط ...بل تصنع عوالم جديدة من حول من حولنا..
- إعداد: ل . لكدروري. سيفاو
للإضافة على :